الاثنين، 21 يناير 2013

المرجفون في بنغازي


المرجفون في بنغازي.

ما حملني على كتابة هذه الأسطر سؤال  صديقي وزميلي هيثم الرحباني من لبنان، عن حال ليبيا بشكل عام، وعن بنغازي بشكل خاص، كوني من سكان هذه المدينة، وبحكم أنه اشتغل فيها فهو متابع جيد لأحداث ليبيا من بدايتها، وحتى هذه الأيام، ولكن ما شد انتباهي تلك الصورة الذهنية التي رسمها في مخيلته من خلال متابعة الإعلام ، وصفحات الفيسبوك خصوصا، هذه الصورة المعتمة التي رسمها "أهل المدينة" عنها هو ما جرني للرد والتوضيح لهذا الصديق اللبناني، وأقول: الشائعات مرض يستشري في معظم مجتمعات العالم، قد تكون هذه الشائعات مختلقة مكذوبة، أو مبالغاً فيها، بحيث تجعل من  الصغير كبيراً، ومن الحقير خطيراً، أو تكون صحيحة واقعة، لكن في نشرها وتداولها مفسدة وضرر، وإساءة وأذية، للمجتمع المسلم بأكمله.
فنحن في ليبيا مازلنا نتعلم أبجديات حرية الرأي التعبير ومازلنا نجهل الكثير عن حقوقنا ووجباتنا تجاه وطننا، ولا نملك الخبرة الكافية في التعامل مع الأحداث والأمور الطارئة التي تمر بها ليبيا من وقت لأخر، فنقص هذه الخبرة (خبرة إعلامية أو فن إدارة الأزمات أو سميها ما شئت) كل هذه التراكمات جعلت المواطن  البسيط ؛ لا يعي ما ينفعه وما يضره، في كثير من المواقف التي تمر بها البلاد، فبساطة الفكر والتفكير أو قل  سطحية العقول ساهمت بشكل كبير في اختزال الخبر كونه الأسرع انتشارا والأكثر إعجابا بين الناس، ولم يعلموا أن أكثر الأمور سطحية وضحالة هي الأكثر انتشارا وإعجابا بين الناس كما أظهرت العديد من الدراسات؛ أن أكثر الأخبار متابعة تلك التي يفضلها بسطاء الناس في الفكر والعقل، ولما كان الأمر كذلك؛ كثر اللغط بين الناس، خاصة في غياب الإعلام الرسمي للمدينة فتلفزيونها مازال في مرحلة التجريب منذ أكثر من سنة، ولا أحد يعلم متى ستنطلق هذه القناة التي ربما ستزيل الكثير من اللبس حول الأحداث التي تشهدها ليبيا، وبالأخص في بنغازي .
هذا اللغط رسم هذه الصورة المظلمة عند صديقنا اللبناني، فنحن نناشد كل الصفحات أن تراعي حق هذا الوطن وان تتق الله فيه، فرب كلمة لا يلقي لها الرجل بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً أو كما قال صلى الله عليه وسلم ، "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يهوي بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب" متفق عليه.
فلا تكن ارعن متهور تتسارع في نقل كل كبيرة وصغيرة بدون أن تتحرى مصداقية ما تنشر، خاصة أن هذا الفضاء الافتراضي – عالم الفيسبوك- جعل حرية الرأي والتعبير واقعا أكثر من أي وقت مضى، مما يحمل على عاتقنا أعباء كثيرة وكبيرة  تجاه هذا الوطن، فبنغازي من وجهة نظر "الفيسبوك" (قندهار أو تورا بور) أو قل هي مصنع كبير لصناعة الأفلام (الهوليودية) ! ولكن على أرض الواقع ومن خلال الاتصالات والأصدقاء القادمون منها؛ مدينة آمنة مطمئنة، اللهم إلا بعض المناوشات التي تحدث في كل المدن الأخرى ولا تسمع عنها شيء، فبالله عليكم يا أهل بنغازي إياكم والحمق فلا تجعلوا من بنغازي مختبر يقاس به عدد (الاعجابات والتعليقات)، فبنغازي أمانة في أعناقكم جميعا، فإن لم تكن قوال للخير فلا تصفق للشر، وقول خير أو أصمت، وإلا فستكون من المرجفون في المدينة الذي قال الله فيهم { وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} فأنكر الله تعالى عليهم خوضهم في الأمور العامة المتعلقة بالأمن والخوف، وإذاعتهم لأخبارها، قبل أن يتبينوا حقيقتها، ويتأملوا في آثارها وعواقبها، ثم حثهم على رد الأمر إلى ولاة الأمر من العلماء ، فهم بحسب فقههم بالشرع ومعرفتهم بالواقع أقدر على إدراك الحقائق، والنظر في عواقب الأمور ومآلاتها.
                                                                 
                                                                         عبدالعزيز طاهر العريبي
21-1-2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق