في عام 1989م، كنت أنا و إخوتي نستمع
منصتين لأخي الكبير صالح وهو يشرح لنا أمر ديننا، من صلاة، وصيام، وطهارة، وزكاة،
وغيرها، في جو إيماني يبعث الدفء في جنبات بيتنا العتيق، أتذكر تلك الأيام، ونحن نجلس في نصف حلقة، يقابلنا صالح بصوته الأشج
وبأسلوبه الرائع والمميز، ينصحنا في وقت كان معظم الشباب مدبرين عن أمر دينهم
مقبلين على الانحراف بشتى أنواعه وأصنافه، كان يأخذني مع إخوتي للمسجد حتى لصلاة
الفجر. رسّخ فينا عقيدة المسجد في قلوبنا،
زرع فينا قيم مستمرة لا يمكن بأي حال من الأحوال
أن تتغير بإذن الله، وفي جلسة من تلك الجلسات العائلية؛ كان درس ذك اليوم، عن فضل
قيام الليل وأجره، وثوابه. ولسان حاله يقول: {يا رجال الليل جدوا *** ربّ داع لا
يُردُ} . . . . تحدث صالح عن قيام الليل حتى كأننا نلامس النجوم ونكلم الملائكة، و
كأني اسمعه الآن وأنا أكتب، هنا. . . كانت
الوالدة عليها رحمة الله جالسة... تستمع منصتة لهذا الحديث الشيق وقد لامست روحها أبواب
الجنان وسمعت بالصحب الكرام وعايشت كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم، يقيم الليل حتى تتفطر قدمها،
بأبي وأمي عليه السلام، وساحت في ذلك النعيم، ولقول الله العليم : {كَانُوا
قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} وتسمع
للملك العلاّم:{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ
وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ
لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}.. وغيرها
من الآيات والأحاديث الشريفة، وسمعت قول الحسن البصري حين قال: (لم أجد شيئاً من
العبادة أشد من الصلاة في جوف الليل) .
... وفي تلك الليلة صممت أمي عليها رحمة
الله، أن تقيم الليل وتجرب لذة منجاة الله في السحر، وكعادة العجائز في تلك الفترة،
لا بد لأمي أن تبدأ الصلاة بهذه الجملة (
نويت انصلي صلاة ..... وتسميها باسمها، سواء ظهر كانت أو عصر، أو غيرها من الصلوات
حتى وإن كانت صلاة الضحى) توضأت واستقبلت القبلة....... ونحن نائمين جميعا بما فيهم صالح (صاحب الدرس)، وبدأت في إقامة الصلاة، حتى وصلت (نويت انصلي
صلاة .....) توقفت .. تتذكر في اٍسم الصلاة التي قال عنها صالح دون جدوى، فكرت كيف
يكون المخرج خاصة وأن الصلاة لا تقبل (حسب اعتقادها) إلا بتلك المقدمة. .. توكلت
على الله وببساطة وإيمان العجائز، وقالت (اللهم إني نويت انصلي الصلاة الي قالي
عليها ولدي صالح) وصلّت ما تيسر لها أن تصلي ونامت واستقضت في الصباح لتحكي لي ما
حدث معها مع (صلاة صالح كما قالت) . لم تحمل تلك القصة لي الكثير في ذلك الوقت، بقدر
ما ضحكت مع أمي ولاطفتها ومازحتها وانتهت في ذلك اليوم. ولكن لم أنساها بالكلية،
وبقيت معي حتى يوما هذا، أي ما يقارب عن 24 سنة. ... .. أتذكرها من وقت لآخر،
وأتفكر فيها، وأقف عندها، واسأل نفسي ! ألسنا بحاجة إلى إيمانا كإيمان أمي؟ بعيدا
عن التكلف والتزندق والرياء ؟ كم منا يسمع لحديث نبوي أو آية قرآنية ويحاول أن
يطبقها على نفسه قبل أن يفرضها على غيره؟ رحم الله أمي رحمة واسعة، وغفر له واسكنها فسيح
جناته، وبارك الله في أخي صالح على حرصه علينا وعلى كل درس سمعناه منه ورزقنا الله
إيماناً كإيمان العجائز.
ردحذفافضل شركة تنظيف كنب بالجبيل يمكنكم الاعتماد عليها في تنظيف المجالس والكنب والمفروشات
شركة تنظيف كنب بالجبيل
شركة تنظيف مجالس بالجبيل
شركة تنظيف بالجبيل
شركة تنظيف خزانات بالجبيل